• انتعاش الاقتصاد وارتفاع معدل النمو وتحسن الأوضاع المالية واحتواء التضخم

    22/12/2010

    تقرير «جدوى للاستثمار»: 
     توقعات 2011: انتعاش الاقتصاد وارتفاع معدل النمو وتحسن الأوضاع المالية واحتواء التضخم








    أقرّ مجلس الوزراء السعودي، أمس الأول، ميزانية الدولة للعام المالي 2011، والتي جاءت تحفيزية، حيث خصصت مبالغ ضخمة للإنفاق على الاستثمارات الحكومية ستسهم بلا شك بصورة فعالة في دفع عملية النمو الاقتصادي في البلاد. وفيما يلي أبرز ما ورد في خطاب الميزانية:
    ويتوقع أن تسجل ميزانية العام 2011 عجزا قدره 40 مليار ريال (11 مليار دولار)؛ وذلك بناء على حجم إيرادات يبلغ 540 مليار ريال ومصروفات تبلغ 580 مليار ريال. ويعتبر هذا العجز الثالث على التوالي في الميزانية السعودية. ويتركز الإنفاق في الميزانية الجديدة على بنود الدفاع والتعليم والرعاية الصحية، أما الإنفاق الاستثماري فقد شهد تراجعا طفيفا عن المستوى الذي كان مقررا في ميزانية عام 2010، لكنه يظل مرتفعا جدا، حيث بلغ حجمه 256 مليار ريال بما يؤهله للاستمرار في لعب دور المحرك الرئيس للنمو الاقتصادي طوال العام.
     
     
     

     
     
     
     
    وتؤكد الميزانية استمرار الدور الحيوي للإنفاق الحكومي في الاقتصاد خلال العام 2011. ونتوقع في ظل عودة الانتعاش في القروض المصرفية وارتفاع الإنفاق الاستهلاكي وإنفاق الشركات وتحسن الاقتصاد العالمي أن تتحسن الأوضاع الاقتصادية عام 2011. ورغم لجوء الكثير من الدول إلى خفض الإنفاق بدرجة كبيرة لاحتواء العجز في ميزانياتها بسبب المخاوف من مشاكل الديون، لا تواجه المملكة أي مشاكل في هذا الصدد. وفي مقدور المملكة أن تمول أي عجز بسهولة من خلال السحب على الموجودات الأجنبية لدى مؤسسة النقد "ساما" التي بلغت 429 مليار دولار في نهاية تشرين الأول (أكتوبر)، وقد تم خفض الدين المحلي إلى أدنى مستوى له خلال فترة طويلة، حيث بلغ نحو 167 مليار ريال عام 2010، أي ما يعادل 10.2 في المائة فقط من الناتج الإجمالي.
    وسجلت ميزانية عام 2010 فائضا قدره 108.5 مليار ريال (بما يعادل 6.6 في المائة من الناتج الإجمالي) مقارنة بعجز كان متوقعا أن يأتي في حدود 70 مليار ريال، حسب التقديرات الأولية للميزانية، حيث جاءت الإيرادات التي بلغت 735 مليار أعلى بنسبة 56 في المائة عما كان مقررا في الميزانية، بل وفاقت تقديراتنا التي وضعناها بناءً على أسعار النفط وحجم الإنتاج. أما الإنفاق الحكومي فقد ارتفع بمعدل 5 في المائة فقط بما يعتبر أدنى معدل نمو له منذ عام 2002، حيث بلغت قيمته الإجمالية 626.5 مليار ريال. وأظهرت البيانات الاقتصادية الأولية نموا قويا للاقتصاد خلال عام 2010، حيث ارتفع الناتج الإجمالي الفعلي بواقع 3.8 في المائة، بينما سجل القطاع الخاص غير النفطي نموا بلغ 3.7 في المائة. وجاء قطاعا الطاقة والمرافق العامة اللذان استفادا من الاستثمارات الحكومية الضخمة كأسرع القطاعات نموا. وقد أدى ارتفاع الإيرادات النفطية إلى مضاعفة فائض الحساب الجاري ثلاث مرات ليبلغ 70 مليار دولار. قُدّر متوسط التضخم عند 3.7 في المائة، في تباين واضح عن متوسط فترة الـ 11 شهرا الأولى من العام البالغ 5.3 في المائة. ونعتقد أن من شأن متوسط لإنتاج وأسعار النفط يراوح عند مستوى 8.3 مليون برميل يوميا و56 دولارا للبرميل (ما يعادل 60 دولارا لخام غرب تكساس) أن يستوفي الإيرادات النفطية المستخدمة في تقديرات الميزانية. كما نتوقع أن تسجل ميزانية العام الجديد فائضا استنادا إلى تقديراتنا المتحفظة بأن يبلغ متوسط سعر الخام السعودي 78 دولارا للبرميل خلال العام 2011، وأن يتخطى الإنفاق الحكومي المستوى المقرر في الميزانية.
     
     
     
     
     

     
     
     
    وسيسجل الإنفاق الذي توظفه الحكومة في تحفيز الاقتصاد مستوى قياسيا آخر في الميزانية الجديدة. وقد دأب الإنفاق على تخطي الإيرادات - حسب مقررات الميزانية - طيلة السنوات الثلاث الأخيرة، ويعتبر العجز المقرر في ميزانية 2011 والمقدر بنحو 40 مليار ريال هو الأقل من بين تلك الميزانيات ويعادل فقط 2.2 في المائة من الناتج الإجمالي المتوقع. وبينما تضطر كثير من الدول إلى خفض الإنفاق؛ كي تتمكن من السيطرة على عجز موازناتها لا يمثل ذلك مشكلة بالنسبة للمملكة التي يقل مستوى العجز المستهدف فيها كثيرا عن معظم الدول الكبيرة، فضلا عن أن من السهل عليها تمويل العجز بالسحب من الموجودات الأجنبية لدى مؤسسة النقد "ساما" دون الحاجة إلى إصدار ديون جديدة.
    المصروفات
    تم تقدير الحجم الإجمالي للمصروفات حسب ميزانية عام 2011 عند مستوى 580 مليار ريال، بما يفوق المصروفات المقررة في ميزانية عام 2010 بنحو 7 في المائة، لكنه يأتي دون معدلات النمو كافة في الإنفاق منذ عام 2003. وكان الإنفاق المقرر حسب الميزانية خلال سنوات تلك الفترة (2003- 2010) قد ارتفع بمتوسط سنوي بلغ 15 في المائة. وإجمالي الإنفاق المقرر في ميزانية 2011 يقل بنحو 7 في المائة (46.5 مليار ريال) عن الإنفاق الفعلي للعام 2010.
    وتراجع الإنفاق الرأسمالي على المشاريع مقارنة بمستوى عام 2010، حيث بلغ 256 مليار ريال، مقابل 260 مليار ريال في الميزانية السابقة. ويعتبر هذا التراجع في الإنفاق الاستثماري - حسب الميزانية - هو الأول منذ سنوات عدة، لكنه لا يشكل هاجسا، حيث إن معظم المشاريع الاستثمارية تستغرق سنوات عدة لتنفيذها، وحري بالحكومة أن ترتب برامج الصرف؛ كي تتفادى تغذية الضغوط التضخمية.
    ومن المهم الانتباه إلى أن حجم الإنفاق الاستثماري الفعلي لا يزال مرتفعا جدا عند مستوى 14.4 في المائة من الناتج الإجمالي المتوقع. كما أن مخصصات الإنفاق الرأسمالي المقررة في ميزانية 2011 تفوق الإنفاق الاستثماري الفعلي في السنوات الـ 11 كافة بين عامي 1983 و2004، بل وتقارب ضعف مستوى إنفاق عام 2008. كذلك من الضروري ملاحظة ميل الإنفاق الاستثماري الفعلي إلى أن يأتي دون ما هو مقرر في الميزانية، حيث تكشف بيانات عام 2009، وهي أحدث بيانات تتوافر فيها تفاصيل بهذا الشأن، أن إجمالي الإنفاق الاستثماري بلغ 179.8 مليار ريال، مقابل 225 مليار ريال هو حجم الإنفاق الذي كان مقررا في الميزانية.
    ولم يتضمن بيان الميزانية تقديرات بشأن المصروفات الجارية (التي تشمل الأجور والمرتبات بصورة أساسية)، لكننا نتوقع أن حجمها حسب الميزانية يأتي في حدود 324 مليار ريال، بزيادة 16 في المائة عن تقديراتنا للمصروفات التي كانت مقررة في ميزانية 2010. وعلى الأرجح نتج هذا الارتفاع من الزيادة في عدد موظفي القطاع العام، فضلا عن أن عام 2011 سيشهد أول تطبيق بالكامل لقرار رفع مرتبات العسكريين الذي تقرر في أواخر عام 2010، وكذلك بسبب زيادة الصرف على المبتعثين السعوديين في الخارج. وكانت الحكومة قد أعلنت في وقت سابق أنها ستبقي على الزيادة في مرتبات منسوبي الخدمة المدنية التي بلغت 15 في المائة والتي منحت للموظفين على ثلاث دفعات كجزء من خطة تم الإعلان عنها في كانون الثاني (يناير) 2008 للمساعدة في تخفيف آثار التضخم. ونتوقع أن تفوق المصروفات الجارية إجمالي المبلغ المقرر لها في الميزانية (بلغ 596 مليار ريال عام 2009) بصورة كبيرة.
     
     
     
     



     
     
     
    وسيستمر الإنفاق في التركيز على أهداف الأعوام القليلة الماضية نفسها وبما يتماشى مع الأولويات التي تضمنتها خطة التنمية التاسعة 2010- 2014. وقد حظي قطاع التعليم بالنصيب الأوفر من مخصصات الميزانية مقارنة بالقطاعات الأخرى. وقد جاءت الزيادة في الإنفاق متجانسة بالنسبة لجميع القطات الرئيسة المكونة للميزانية، وحظيت الخدمات البلدية بأكبر ارتفاع فيها بلغ 13 في المائة. وفيما يلي موجز لخطط الإنفاق على القطاعات الاقتصادية الرئيسة:
    قطاع التعليم وتنمية الموارد البشرية
    ارتفعت مخصصات هذا القطاع إلى 150 مليار ريال، أي بنحو 8 في المائة، مقارنة بما تم تخصيصه للعام السابق، لتغطية إكمال بناء المجمعات الخاصة بالجامعات التي أنشئت حديثا والاستمرار في برنامج الابتعاث (الذي كلف 12 مليار ريال في عام 2010)، إضافة إلى بناء 610 مدارس جديدة. ويوفر بناء المدارس دليلا على مدى التقدم الذي أحرزته برامج الإنفاق للحكومة، حيث يلاحظ تراجع عدد المدارس الجديدة التي يتم اعتمادها في الميزانية من سنة إلى أخرى منذ عام 2008 عندما تم التخطيط لبدء العمل في 2.074 مدرسة، بينما ارتفع عدد المدارس قيد الإنشاء؛ اكتمل العمل في تشييد نحو 3.200 مدرسة حتى الآن. وتشكل مصروفات قطاع التعليم وتطوير الموارد البشرية نحو 26 في المائة من إجمالي الإنفاق العام.
    قطاع الصحة والشؤون الاجتماعية
    تم تخصيص 68.7 مليار ريال لهذا القطاع بزيادة قدرها 12 في المائة عن مخصصات عام 2010. وكما في حالة المدارس، فإن تركيز الميزانية منصب على استمرار العمل في المشاريع التي بدأت خلال السنوات القليلة الماضية. وتخطط الدولة للبدء في تشييد 12 مستشفى جديدا خلال عام 2011، مقارنة بعدد 92 مستشفى عام 2010؛ لذا نرجح أن تنال المستشفيات التي يجري تشييدها حاليا البالغ عددها 120 مستشفى النصيب الأكبر من الميزانية المخصصة لهذا القطاع.
     
     
     
     
     

    قطاع المياه والزراعة والتجهيزات الأساسية
     
     
     
    تلقى هذا القطاع 50.8 مليار ريال بزيادة بلغت 10 في المائة عن مخصصات عام 2010، ويتركز التمويل على إنشاء محطات تحليه جديدة، إضافة إلى ترقية شبكات المياه والصرف الصحي والسدود. كذلك تضمنت الميزانية مشاريع كبيرة جديدة في المدن الصناعية في الجبيل وينبع ورأس الزور بقيمة 6.35 مليار ريال. وقد تضاعفت مخصصات الميزانية لهذا القطاع منذ عام 2007.
    قطاع النقل والاتصالات
    خُصص مبلغ 25.2 مليار ريال لهذا القطاع بزيادة 5 في المائة فوق مستويات عام 2010 تستخدم في شق طرق جديدة تبلغ أطوالها 6.600 كيلومتر تضاف إلى المشاريع قيد الإنشاء البالغة أطوالها 30.200 كيلومتر. أيضا تضمنت الميزانية مخصصات لبناء أربعة مطارات جديدة وتطوير مطار الملك عبد العزيز في جدة.
    قطاع الخدمات البلدية
    يقدر أن تبلغ مخصصات هذا القطاع 24.5 مليار ريال بزيادة 13 في المائة عن مخصصات عام 2010، وسيتركز إنفاقها على ترقية شبكات الطرق داخل المدن والجسور ومشاريع حماية البيئة وغيرها. وكان هذا القطاع قد تمكن العام الماضي من توفير 3.25 مليار ريال من موارده الذاتية، زيادة على المبالغ المخصصة في الميزانية.
    ونعتقد أن الإنفاق على قطاع الدفاع والأمن يمثل أكبر بنود الإنفاق الحكومي، على الرغم من عدم الإعلان عنه في الميزانية (شكلت مخصصات هذا القطاع 31 في المائة من ميزانية عام 2010). وقد تم خلال هذا العام توقيع عقود دفاعية بمليارات الدولارات يتم صرفها على مدى عدد من السنوات؛ لذا لن تنعكس بصورة كبيرة على الإنفاق في عام 2011. لكن من شأن رفع أجور العسكريين أن يؤدي إلى زيادة النفقات العسكرية والأمنية.
    الإيرادات
    قدّرت ميزانية العام 2011 إجمالي الإيرادات بنحو 540 مليار ريال نتوقع أن تسهم مبيعات النفط بنحو 85 في المائة منها، لكن لا تتوافر تفاصيل رسمية بهذا الخصوص. وكما جرت العادة لم يُكشف عن متوسط سعر النفط ولا حجم الإنتاج اللذين بني عليهما تقدير الإيرادات النفطية في الميزانية، إلا أننا نرى أن من شأن متوسط للإنتاج اليومي يبلغ 8.3 مليون برميل ومتوسط لسعر سلة الخامات السعودية يبلغ 56 دولارا للبرميل (ما يعادل 60 دولارا لبرميل خام غرب تكساس القياسي) أن يستوفيا الإيرادات النفطية المقررة في الميزانية.
    ومن البديهي أن تتم صياغة الميزانية على أساس تقدير متحفظ لأسعار النفط، فخلال العقد الماضي جاء السعر الفعلي للنفط أعلى بواقع 60 في المائة في المتوسط عن السعر المستخدم في وضع تقديرات الميزانية (نرجح أن السعر الفعلي كان أعلى من السعر التقديري بواقع 55 في المائة بالنسبة لعام 2010)، وكانت آخر سنة انخفض فيها متوسط السعر الفعلي للنفط مقارنة بالسعر المستخدم في تقديرات الميزانية هي عام 1998. حاليا يتم بيع خام غرب تكساس بسعر 88 دولارا، أي أعلى بواقع 47 في المائة عن مستوى السعر الذي نعتقد أنه اُستخدم في صياغة تقديرات الميزانية.
    ولم يتم الإعلان عن تقديرات الإيرادات غير النفطية في الميزانية والتي يأتي معظمها من رسوم الخدمات الحكومية والتعرفة الجمركية، وهما موردان نرجح أن يرتفعا بدرجة كبيرة نتيجة لقوة الأداء الاقتصادي. ورغم الارتفاع الشديد في مستوى الموجودات الأجنبية، إلا أننا لا نتوقع أن يشهد الدخل الاستثماري تغيرا يذكر مقارنة بالسنوات القليلة الماضية؛ بسبب التراجع المستمر في فائدة السندات الأمريكية التي نعتقد أنها تشكل معظم الموجودات الأجنبية لحكومة المملكة. ولم تتضمن بيانات الميزانية تبني أي سياسات جديدة لزيادة الموارد غير النفطية.
    توقعات بشأن الميزانية
    نتوقع تسجيل فائض قدره 106 مليارات ريال في ميزانية عام 2011؛ وذلك على أساس توقعاتنا بأن تكون أسعار النفط الفعلية أعلى من المستويات التي استخدمت في الميزانية؛ ما يؤدي إلى تجاوز إيرادات النفط الفعلية الإيرادات المقررة في الميزانية. كما نتوقع أن تسهم العائدات النفطية بمبلغ 674 مليار ريال في الميزانية، إضافة إلى 90 مليار ريال من العائدات غير النفطية.
    وسيتخطى الإنفاق الفعلي مستوى الإنفاق المقرر في الميزانية، حيث نجد أن الإنفاق الفعلي قد تخطى مقررات الميزانية بمعدل 21 في المائة في المتوسط خلال الأعوام العشرة الأخيرة. وخفت حدة تجاوز الإنفاق الفعلي للمستويات المقررة في الميزانية في عام 2010، التي كانت في حدود 16 في المائة وجاءت عند أدنى مستوى لها منذ عام 1999. وفي ضوء زيادة الحذر في الصرف مقرونا بالارتفاع الطفيف في حجم الإنفاق الذي قررته ميزانية 2011، نتوقع أن يبلغ الإنفاق الإجمالي نحو 658 مليار ريال.
     
     
     
     


    توقعات بشأن تطورات أسواق النفط في 2011
     
     
     
    من المتوقع أن تشهد أسعار النفط استقرارا ملحوظا خلال العام 2011 وأن يبلغ متوسط سعر النفط من خام غرب تكساس 83 دولارا للبرميل (ما يعادل 78 دولارا للبرميل من صادر الخام السعودي). وستعمل الزيادة التدريجية في العرض من منتجي النفط من "أوبك" وخارجها على موازنة النمو المتواصل في الطلب؛ لذا نتوقع زيادة إنتاج النفط السعودي بنحو 2 في المائة ليبلغ 8.3 مليون برميل في اليوم.
    وسيرتفع الطلب على النفط نتيجة لنمو الاقتصاد العالمي وسيكون نمو الطلب أسرع في الأسواق الناشئة التي تشكّل معظم الاستهلاك الجديد. وكان نمو الطلب قد تخطى التوقعات بصورة مستمرة خلال 2010، سواء في دول الأسواق الناشئة أو دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية وهو نمو مرشح لأن يحتل ثاني أعلى مستوى خلال الـ 30 عاما الماضية. ورغم أن وتيرة النمو هذه قد تتباطأ، إلا أن منظمة الطاقة الدولية تتنبأ بأن يأتي نمو الطلب عند مستوى 1.3 مليون برميل يوميا خلال عام 2011، أي أعلى مما سجله عام 2007 عندما كان الاقتصاد العالمي يمر بمرحلة طفرة.
    وسيستجيب المنتجون لزيادة الطلب بزيادة العرض تدريجيا، حيث يتوقع أن يقفز إنتاج النفط من خارج "أوبك" بنحو 0.6 مليون برميل يوميا في عام 2011، حسب تقديرات منظمة الطاقة الدولية أي أقل من مستوى تقديراتها لعام 2010 البالغة 1.1 مليون برميل في اليوم. ومن شأن إنتاج "أوبك" أن يرتفع، لكن لا نعتقد أنها ستفكر في إجراء زيادة كبيرة في حصص الإنتاج الرسمية ما لم تتخطَ الأسعار مستوى 100 دولار للبرميل ولفترة طويلة. وفي ضوء قلق "أوبك" بشأن الملامح المستقبلية للاقتصاد العالمي ونسبة لزيادة المعروض من النفط من خارج "أوبك" بأكثر من المتوسط، فلا نتوقع حدوث تدهور سريع في الالتزام بنظام الحصص القائم حاليا.
    وستستمر مخزونات النفط في التراجع، وكان معظم التراجع خلال عام 2010 قد تم في كميات النفط المخزنة في الخارج؛ لذا لم تتضمنها البيانات الخاصة بالمخزونات لدى كل دولة. وبما أن كميات النفط المخزونة في الخارج حاليا تعتبر صغيرة فسيكون التراجع أكثر وضوحا، لكن ستظل المخزونات فوق متوسط السنوات الخمس.
    وتلعب التدفقات المالية دورا مهما في تحديد اتجاهات أسعار النفط، خاصة على المدى القريب. وكانت علاقة قوية قد نشأت خلال السنوات الأخيرة بين أسعار النفط وأسواق الأسهم العالمية والدولار وغيره من العوامل النفسية ذات الصلة بالاقتصاد العالمي. ورغم صعوبة التنبؤ بحركة التدفقات الاستثمارية لكن بناءً على توقعاتنا بحدوث تحسن في الاقتصاد العالمي وتحقيق الدولار استقرارا واضحا لا نعتقد أن التدفقات الاستثمارية ستدفع بأسعار النفط بعيدا عن المستوى الذي تبرره المعطيات الأساسية. لم تنخرط أسعار النفط في الارتفاع الحاد في أسعار السلع خلال 2010، لكن من شأن هبوط أسعار سلع أخرى أن يترك أثرا سلبيا على أسعار النفط.
     
     
     



    الأداء المالي في عام 2010
     
     
    عادت الميزانية لتسجل فائضا عام 2010 بلغ 108.5 مليار ريال (أي ما يعادل 6.6 في المائة من الناتج الإجمالي). ويعود الفضل في تحقيقها فائضا بعد عجز شكل 6.1 في المائة من الناتج الإجمالي عام 2009 إلى زيادة الإيرادات النفطية مدعومة بارتفاع في أسعار النفط بلغت نسبته 28 في المائة. وجاء الفائض أعلى مما توقعنا بسبب ارتفاع إيرادات النفط بأكثر من المتوقع.بلغت الإيرادات الفعلية الإجمالية 735 مليار ريال بزيادة قدرها 56 في المائة عن الإيرادات المقدرة في الميزانية وبزيادة 44 في المائة عن مستواها عام 2009؛ وذلك بسبب تخطي أسعار النفط المستوى المقدر لها في الميزانية.
    ونعتقد أن ميزانية العام 2010 بُنيت على متوسط لسعر الخامات السعودية يبلغ 50 دولارا للبرميل. وحيث لم يتبقَ إلا أسبوع ونيف لانقضاء العام فمن المرجح أن متوسط السعر الفعلي للنفط السعودي سيقارب 74 دولارا للبرميل. وجاءت الإيرادات أكبر مما توقعنا، وربما يكون ذلك بسبب انخفاض الإنفاق من قبل شركة النفط الحكومية "أرامكو"، حيث تقوم هذه الشركة بتحصيل جميع إيرادات النفط ثم تمول عملياتها وبرامجها الاستثمارية وتمرر ما تبقى من إيرادات النفط إلى الحكومة.
    وبلغت المنصرفات الفعلية 626.5 مليار ريال بزيادة 16 في المائة عما هو مقرر في الميزانية و5 في المائة عن مستواها عام 2009، وتعتبر الزيادة السنوية هي الأدنى منذ عام 2002، حيث بلغ متوسط الزيادة خلال تلك السنوات نحو 14 في المائة. ولم تتضمن الميزانية تصنيفا للإنفاق حسب المنصرفات الرأسمالية والمنصرفات الجارية. ونعتقد أن زيادة الإنفاق تعود إلى ضخامة الصرف الجاري، حيث تم دفع راتب شهر إضافي 13 للعاملين (رغم أن هذا الإجراء يتكرر كل ثلاث سنوات بسبب قصر العام الهجري عن العام الميلادي، يبدو أنه لم يتم تضمينه في الميزانية)، وتم رفع مرتبات العسكريين وأساتذة الجامعات خلال العام، كما أن عدد موظفي الدولة قد ارتفع على ما يبدو.
    ونرجح أن يكون الإنفاق الرأسمالي قد تراجع، لكن ذلك لا يشكل هاجسا، فالإنفاق الاستثماري تسارع خلال النصف الأول من عام 2009 عندما تراجع الاقتصاد العالمي إلى منطقة الركود وهبطت أسعار النفط إلى ما دون 35 دولارا للبرميل. وقد انطلق العمل في المشاريع التي كان يمكن تنفيذها بسرعة بهدف دعم الاقتصاد.
    وبما أن الأوضاع الاقتصادية أفضل في عام 2010، فلم تكن هناك حاجة كبيرة إلى تحفيز سريع بذلك الحجم نفسه.وتم خفض الدين الحكومي بنحو 58 مليار ريال ليكون عند 167 مليار ريال، في أكبر خفض للدين العام منذ عام 2007، وانخفضت نسبته إلى الناتج الإجمالي إلى 10.2 في المائة، مقارنة بنسبة 119 في المائة عام 1999. وارتفعت حيازات البنوك التجارية من الدين الحكومي وشبه الحكومي بواقع 13 مليار ريال خلال الأشهر العشرة الأولى من عام 2010 بسبب ارتفاع أذونات الخزانة بنحو 21.4 مليار ريال، لكن تراجعت حيازات البنوك من السندات الحكومية طويلة الأجل بنحو 12.5 مليار ريال. أما الجهات الأخرى التي تحتفظ بمعظم أدوات الدين الحكومي فهي صندوق معاشات التقاعد والمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية.
    وكانت حيازات هذه المؤسسات من الدين الحكومي تتم مقايضتها في السابق بموجودات تقوم بإدارتها جهات حكومية أخرى. ونعتقد أن عمليات مقايضة شبيهة بتلك هي التي مكّنت من خفض الدين الكلي في عام 2010.
    ومن المهم ملاحظة أن التقديرات الأولية لأداء الميزانية المتضمنة في بيان الميزانية يتم تعديلها في كثير من الأحيان، وبصفة عامة تتم زيادة الأرقام الخاصة بالإيرادات والمصروفات على حد سواء، لكن غالبا ما ترتفع الأخيرة بمبالغ أكبر.
    وقد تم تعديل الإنفاق الإجمالي خلال السنوات الخمس الأخيرة بزيادة بلغ متوسطها 3.6 في المائة فوق التقدير الأولي المقرر في الميزانية، بينما تم تعديل الإيرادات بمتوسط 1.5 في المائة. وبالنسبة لعام 2009 فقد تم تعديل إجمالي الإنفاق عند إعلان ميزانية عام 2010 بزيادة بلغت نسبتها 8.6 في المائة ( أي بقيمة 46 مليار ريال). ولكن، حتى في حالة تم تعديل الإنفاق لعام 2010 برفعه بالنسبة نفسها، فإن الميزانية ستظل تحقق فائضا.
    الأداء الاقتصادي عام 2010
    اشتملت الميزانية على بيانات أولية عن الاقتصاد الكلي للعام 2010 أشارت إلى تحسن الأداء الاقتصادي فقد ارتفع النمو إلى 3.8 في المائة، ويعزا ذلك لحد ما إلى ارتفاع أسعار النفط. وكان النمو في القطاع الخاص غير النفطي قد شهد تغييرا طفيفا بلغ 3.7 في المائة عام 2009 رغم التحسن على المستويين المحلي والعالمي. وباستثناء قطاع الخدمات الحكومية، جاء النمو في بقية القطاعات دون المستوى المستهدف في خطة التنمية التاسعة (2010- 2014).
    وقد نتج من ارتفاع الإيرادات النفطية عودة النمو في الناتج الإجمالي الاسمي، كما أدى ذلك إلى تعزيز فائض الحساب الجاري. وسجل الناتج الإجمالي الفعلي نموا بلغ 3.8 في المائة، مقارنة بنمو قدره 0.6 في المائة عام 2009، ويعزا ذلك بالدرجة الأولى إلى الزيادة في حجم إنتاج النفط. وكانت المملكة قد تمكنت من زيادة إنتاجها طوال عام 2010 بسبب انتعاش الطلب العالمي نتيجة للتحسن في الاقتصاد العالمي. وقد سجل القطاع النفطي نموا بلغ 2.1 في المائة بأعلى من النمو في إنتاج النفط بسبب تواصل العمل في مشاريع النفط قيد التشييد. وإلى حد كبير يفسر الانخفاض في حجم إنتاج النفطي ضعف الأداء الاقتصادي عام 2009. وقد أسهمت الخدمات الحكومية بصورة كبيرة في النمو الاقتصادي مرتفعة 5.9 في المائة، في ثاني أسرع معدل لها منذ أوائل الثمانينيات.
    وسجل القطاع الخاص غير النفطي نموا بنسبة 3.7 في المائة عام 2010، مرتفعا عن مستوى عام 2009 البالغ 3.5 في المائة. وقد أسهمت عوامل عدة في هذا التطور، أهمها الإنفاق الحكومي الضخم وارتفاع فرص الحصول على القروض المصرفية والتحسن العام في ثقة المستهلك والشركات والانتعاش الجزئي للاقتصاد العالمي. لكن المكاسب تأتي دون المستوى المأمول في ظل هذه البيئة المواتية. وكان قطاع الكهرباء والغاز والمياه الأسرع نموا مرتفعا 6 في المائة نتيجة الاستثمارات الحكومية الرامية إلى مجابهة النمو المتسارع في الطلب المحلي.
    وقد تخلف قطاع النقل والاتصالات عن قيادة الركب لأول مرة منذ عام 2003 بسبب اقتراب مستوى انتشار الهاتف الجوال من نقطة التشبع، رغم أنها سجلت نموا طيبا عند 5.6 في المائة. وحل قطاع الصناعات التحويلية في المركز الثاني من حيث سرعة النمو عند 5 في المائة بسبب افتتاح منشآت جديدة لصناعة الأدوية وبسبب الطلب العالمي المرتفع. وحل القطاع المالي في ذيل القائمة مسجلا 1.4 في المائة.وارتفع الناتج الإجمالي الاسمي بواقع 16 في المائة عام 2010 بعد انكماشه بنسبة 21.1 في المائة العام الماضي؛ وذلك بسبب ارتفاع إيرادات النفط بدرجة كبيرة مقارنة بمستواها عام 2009 نتيجة لزيادة حجم الإنتاج وارتفاع الأسعار. ورغم بلوغ الناتج الإجمالي الاسمي مستوى 1.630 مليار ريال، إلا أن حجم الاقتصاد لا يزال أقل بواقع 8.5 في المائة مقارنة بمستواه عام 2008.
    وتم تقدير معدل التضخم عند مستوى 3.7 في المائة مقارنة بمعدل 5.1 في المائة في عام 2009، لكن من غير الواضح كيف تم التوصل إلى هذا الرقم، خصوصا أن التضخم كان قد بلغ 5.3 في المائة في المتوسط خلال الـ 11 شهرا الأولى من العام. وكان السبب الرئيس في ارتفاع التضخم هو الطفرة في الأسعار العالمية لعديد من السلع، خاصة أسعار الأغذية التي شهدت ارتفاعا حادا، حيث قفزت على أساس سنوي من 1 في المائة في كانون الأول (ديسمبر) 2009 إلى 8.5 في المائة بحلول تشرين الثاني (نوفمبر) 2010. ولا تزال الإيجارات تمثل المصدر الرئيس للتضخم رغم استقرارها عند 9 بالمائة على أساس المقارنة السنوية طيلة الأشهر الست الماضية. وقد شهدت المصادر الأخرى للتضخم المحلي تراجعا كبيرا. مقياس آخر للتضخم هو معامل انكماش الناتج الإجمالي للقطاع غير النفطي الذي انخفض إلى 1.5 في المائة من 2.4 في المائة في عام 2009، وهذا المعيار عبارة عن الفرق بين الناتج الإجمالي الفعلي والناتج الإجمالي الاسمي وهو يقيس أسعار جميع السلع غير النفطية التي يتم استهلاكها داخل الاقتصاد.
    وقفز فائض الحساب الجاري إلى 260.9 مليار ريال مقارنة بأدنى مستوى له في ثماني سنوات عندما تراجع إلى 85 مليارا في عام 2009. ورغم عدم توافر تفاصيل كافية عن الحساب الجاري، إلا أنه يتضح أن الزيادة كانت نتيجة لارتفاع إيرادات النفط (التي شكلت نحو 80 في المائة من إجمالي قيمة الحساب الجاري). ونقدر أن إيرادات النفط الأعلى بواقع 25 في المائة قد دفعت الإيرادات النفطية إلى مستوى 762 مليار ريال. كما دفعت الأسعار القوية الصادرات غير النفطية، خصوصا البتروكيمياويات والمنتجات البلاستيكية إلى مستويات قياسية بلغت 124 مليار ريال بارتفاع قدره 14 في المائة. وقد هبطت الواردات من الماكينات والمعدات بصورة كبيرة حتى الآن هذا العام بسبب انتقال الكثير من المشاريع من مرحلة التوريد إلى مرحلة التنفيذ. ولم يتم نشر بيانات أخرى عن الحساب الجاري.
    الملامح المستقبلية لعام 2011
    نتوقع أن ينتعش الاقتصاد السعودي في عام 2011 وأن يرتفع معدل النمو وأن تتحسن الأوضاع المالية وأن يتم احتواء التضخم وأن تظل الميزانية تسجل فائضا. وسيظل الإنفاق الحكومي يوفر قوة الدفع الرئيسة للنمو مدعوما بالتوسع في القطاع الخاص، بينما تتحسن فرص تأمين الائتمان وتتعزز ثقة المستهلك والشركات. وسترتفع أسعار النفط نتيجة الطلب القوي من الأسواق الناشئة، بينما يظل أداء الاقتصاديات الكبيرة ضعيفا.
    كما نتوقع أن يسجل الاقتصاد السعودي نموا يبلغ 4.2 في المائة في عام 2011، وأن ينتعش النمو في القطاعين النفطي والخاص، وأن يرتفع إنتاج النفط استجابة للطلب المرتفع. وسيظل الإنفاق الحكومي الكبير يعمل بمثابة المحرك للاقتصاد غير النفطي مدعوما بالقروض المصرفية الكبيرة. وسيكون قطاعا المرافق العامة والبناء والتشييد أسرع القطاعات نموا في الاقتصاد، لكنهما سيعتمدان على الإنفاق الحكومي بصورة مكثفة. وسيظل التضخم عند مستويات مرتفعة خلال عام 2011 ونتوقع أن يبلغ 5.3 في المائة في المتوسط وستكون الإيجارات هي مصدره الرئيس، وتأتي بقية الضغوط التضخمية من الخارج وبصورة أساسية من أسعار السلع، ويتعين أن تظل ضغوط التضخم قيد السيطرة على المستوى المحلي، رغم مخاطر حدوث زيادة تدريجية في احتمالات التضخم.
    ورغم تخطي التضخم لمتوسطاته التاريخية بصورة واضحة نتوقع أن يظل سعر الفائدة متدنيا وألا يتم اللجوء إلى تبني سياسات جديدة للتعامل مع ارتفاع الأسعار. ولا نتوقع أي تغييرات فيما يتعلق بسياسة ربط سعر صرف الريال بالدولار.
    وبينما تتمحور الأوضاع الاقتصادية نحو الأفضل سيظل الأداء يعتمد على الإنفاق الحكومي بصورة مكثفة، وسيتسبب التشدد في منح الائتمان وضعف أوضاع الاقتصاد العالمي في إبقاء نمو القطاع الخاص غير النفطي دون مستوياته خلال سنوات الطفرة في منتصف العقد الماضي وسيهيمن مقاولو المشاريع الحكومية على معظم النشاط.

حقوق التأليف والنشر © غرفة الشرقية